شعر
أرفع الغطاء وأنتظر كل الشياطين

أستعيد جسدي

© فائق حسن

أفكر بوشم جديد كلّ يوم

أتخيّله على كتفي

على صدري

على قدمي

الوشم طريقتي المثلى

لاستعادة جسدي

من العقود

وجلاليب الأمهات

وصناديق الرسائل المقفلة

من الآباء والشيوخ

من الإعلانات

والمنحّفات

من النشوات المصطنعة

والمشدّات التي تكبّل الأرداف والبطون

وتحفر عميقاً في الجلد

كأنها تلامس

العمق الذي دُفِن فيه

شعورنا بالذل.

لا أنام جيداً في الليل

تتبادل الشياطين الدور

في القفز على زوايا السرير

أشكالهم مسالمة

أصواتهم تأتي على هيئة

أحلام ميتة

أحاول أن أخرسهم

فترتفع أصواتهم أكثر

أحدهم يخبرني أني أكبر في السن

فيصرخ الثاني ويقول إني أمّ سيئة

ويصرخ ثالث ويتهمني بأني ابنة سيئة

ويصرخ رابع ليوبخني على ضعفي

لأني أسمح للثلاثة الأوائل

بأن يصرخوا في وجهي…

أتركهم يتشاجرون

أفكر بالوشم طوال الوقت

أغمض عينيّ وأتخيل

أضع على رحمي فراشة

على قدمي مرساة

على قلبي ريشة

أستعيد جسدي

بحبر أسود

بخريطة سرية

لا يفك طلاسمها

إلّايَ

أرفع الغطاء وأنتظر كل الشياطين

أن يدخلوا تحته

وأرجوهم أن ننام جميعاً

متجاورين

بسلام

لليلة واحدة فقط!

***

تآويلُ القُبَل

يسقط الصِّبية في أول فخ

تنصبه لهم الرجولة

حين يُلبِسون الشعور بالذنب

فضيلةَ التجربة

هكذا يمتدّ الخدر

إلى القلب

هكذا تُفسَد رائحة التبغ

القُبَل.

لو أن الإنسان يستطيع

أن يكفّ عن لعب دور المنقذ

لو يتوقف الرجال

عن محاولة إنقاذ أمهاتهم

وتكفّ النساء

عن محاولة إنقاذ أولادهن

لكنا جميعنا راشدين.

هل من الصعب أن نعود كائنات

غير مشوهة

بالخوف من الآلهة

أو من ممارسة تعسفها

على الآخرين

هل من الصعب أن نقع في الحب

من غير أن نتبنّى كل النذور

التي عُلِّقت

على أسواره العالية؟

تستطيع أن تسألني عن بداية النبع

ولكن ليس عن بداية الماء

تستطيع أن تسألني

“عنك”

وليس عن الحب.

قبِّلْني بدرجة عالية

من الرتابة

بحيث لا تكون حرارة القبلة

أو فتورها

دليلا على أي شيء

اسحبْني من العالم المثقل بالمعاجم

والقياسات

حرِّرِ الحب من تآويل القُبَل

من فناء الجسد …

أعلم أن رجلًا مثلك

وحده قادر على فعل ذلك.

* من ديوان للشاعرة بعنوان “منارات لتظليل الوقت” يصدر قريباً عن “دار النهضة العربية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

للإشتراك في نشرتنا الدورية