ما هو الجسد؟ مجموعةٌ من الأعضاءِ متصلةٌ ومتحركةٌ تتلقى أوامرَ تنتقلُ عبر الأعصاب وتحرّك هذا الجسدَ في خدمة حاجاتِه الحياتيةِ المنقسمةِ الى قسمين، وهذان القسمان مادّيان بامتياز. والاثنان يخدمان هذا الجسدَ كي يعيشَ مدّتَه قبلَ الفناء.
القسم الأول: الحاجاتُ التي تساعدُه على “التشريج” الشحنِ كي يبقى واقفا، يكبُرُ ويتحرك وينصقِل. منها الأكلُ والشرابُ والحركة…
لا حياةَ من دونِ متعةٍ، ولا متعةَ من دونِ حرية، ولا حريةَ من دونِ جسد، أداتُه الوحيدةُ… الجسد
القسم الثاني: الحاجاتُ التي تساعدُه على “التشريج” كي يبقى حياً في داخله، وهذه الأخيرةُ ماديةٌ أيضا، لكنها غيرُ ملموسة. يسمّيها الإنسان “الحاجاتِ النفسية” وهي في الواقع الأكثرُ مادية. نخاف منها لأنّنا نشعرُ بها ولا نملِكُ أجوبةً واضحةً عن كلّ خفاياها ، فنُطلقُ عليها أسماءً غريبةً كـ”الإحساس” أو “الحب” أو “الفانتازيا”… وإلى ما هنالك.
في بعض الأحيان نضعُها في خانة الماورائيات أو الروحانيات كي نخترعَ أجوبةً وتبريراتٍ، أو نُسلّم أمرنا حيثُ لا نلاقي هذه الأجوبة.
إنما، وتحتَ هذه العناوين، يحتاجُ هذا الجسدُ كي يُلبي رغباتِه الى اختبارات كيميائيةٍ داخليةٍ تَنتُجُ عن انعكاساتٍ خارجيةٍ مبنيةٍ على لغةِ الاتصال بأجسادٍ أخرى أو أشياءَ أخرى، كالطبيعةِ أو اللوحاتِ الفنيةِ أو الموسيقى أو الشعرِ مثلاً.
والأهمُّ في هذا القسم هو الجسدُ الآخر وكيفيةُ الاتصالِ به، مع العلمِ أنّ هذا الجسدَ الآخرَ يمكنُ أن يكونَ موجوداً حسيا أو في مخيِّلتِنا فقط.
هذا الجسدُ الآخرُ، إن كان موجوداً أو متخيَّلاّ، هو العنصرُ الأساسيُّ لتغذيةِ جسدِنا كي يبقى حيّاً، صلباً، متحركاً وفعَّالاً.
الجسدُ الآخَرُ هو الغِذاءُ الأكثرُ فعالِيةً لتطوُّرِنا وتحوّلِنا وبالتالي لإكمالِ فترةِ خِدمةِ جسدِنا في حياتِه بشكلٍ يُرضينا أو لا يُرضينا، لا يَهُمّ.
تداخلُ هذه الأجسادِ واختلاطُها على المستوياتِ كافةً، فيهِ قُوتُنا الأساسيّ، ومتعةُ هذا التداخل والاختلاطِ هي التي تُطلِق تفاعلاً كيميائياً تَنتُجُ منه مادةٌ كيميائيةٌ إضافيهٌ مسؤولةٌ عمّا نُسميه “المتعة”.
إنها المتعةُ، نعم المتعةُ. رَغمَ كلِّ ما أطلقوا عليها من تُهم وشائعاتٍ مُغرضةٍ، وجعلوها من التابوهاتِ المُنكَرةِ، فهي ميزةُ الحياةِ وطعمُها وسلامُها. وتلك المتعةُ لا تقدِرُ أن تَفيَ غرضَها الأمثلَ إلّا إذا ساعدناها بالتخلّي عن كلِّ العناوينِ الموروثةِ الباليةِ التي خُلِقت تحتَ أغطيةٍ دينيّةٍ واجتماعيةٍ وأخلاقيةٍ وو و و. هدفُها السيطرةُ علينا كبشر وتعريَتُنا من متعتِنا تماماً كخِتانِنا. الحدُّ من متعتِنا هدفُه الأساسيُّ تجريدُنا من سلاحِنا الأقوى لاستكمالِ الحياةِ وهو “الحريةُ المطلقة في مقاربةِ أجسادِنا والأجسادِ الأخرى”، ما يشكِّلُ حالةَ خمولٍ وانصياعٍ إنسانيٍّ، وبالتالي عدمِ تفلُّتٍ منَ السلطاتِ التقليديةِ ومنظوماتِها.
لا حياةَ من دونِ متعةٍ، ولا متعةَ من دونِ حريةٍ ولا حريةَ من دونِ جسدٍ، أداتُه الوحيدةُ… الجسد.